(1)
ليس بالضرورة
أن تلفظ أنفاسك
وتغمض عينيك
ويتوقف قلبك عن النبض
ويتوقف جسدك عن الحركة
كي يقال عنك: إنك فارقت الحياة
(2)
فبيننا الكثير من الموتى
يتحركون
يتحدثون
يأكلون
يشربون
يضحكون
لكنهم موتى.. يمارسون الحياة بلا حياة
(3)
فمفاهيم الموت لدى الناس تختلف
فهناك من يشعر بالموت حين يفقد إنساناً عزيزاً
ويخيل إليه أن الحياة قد انتهت
وأن ذلك العزيز حين رحل أغلق أبواب الحياة خلفه
وأن دوره في الحياة بعده قد انتهى..
(4)
وهناك من يشعر بالموت
حين يحاصره الفشل من كل الجهات
ويكبله إحساسه بالإحباط عن التقدم
فيخيل إليه أن صلاحيته في الحياة قد انتهت
وأنه لم يعد فوق الأرض ما يستحق البقاء من أجله..
(5)
والبعض..
تتوقف الحياة في عينيه في لحظات الحزن
ويظن أنه لا نهاية لهذا الحزن
وأنه ليس فوق الأرض من هو أتعس منه
فيقسو على نفسه حين يحكم عليها بالموت
وينفِّذ بها حكم الموت بلا تردد
وينزع الحياة من قبله
ويعيش بين الآخرين كالميت تماماً..
(6)
فلم يعد المعنى الوحيد للموت
هو الرحيل عن هذه الحياة
فهناك من يمارس الموت بطرق مختلفة
ويعيش كل تفاصيل وتضاريس الموت
وهو مازال على قيد الحياة..
(7)
فالكثير منا..
يتمنى الموت في لحظات الانكسار
ظناً منه أن الموت هو الحل الوحيد
والنهاية السعيدة لسلسلة العذاب
لكن..
هل سأل أحدنا نفسه يوماً:
تُرى.. ماذا بعد الموت؟
(
نعم..
ماذا بعد الموت؟
حفرة ضيقة
وظلمة دامسة
وغربة موحشة
وسؤال.. وعقاب.. وعذاب
وإما جنة.. أو نار..
(9)
فهم.. كانوا هنا..
ثم رحلوا..
غابوا ولهم أسبابهم في الغياب
لكن الحياة خلفهم مازلت مستمرة
فالشمس مازلت تشرق
والأيام مازالت تتوالى
والزمن لم يتوقف بعد..
(10)
ونحن.. مازلنا هنا
مازال في الجسد دم
وفي القلب نبض
وفي العمر بقية
فلماذا نعيش بلا حياة
ونموت.. بلا موت؟
- وقبل أن يُدركنا المساء..
إذا توقفت الحياة في أعيننا
فيجب أن لا تتوقف في قلوبنا
فالموت الحقيقي هو موت القلوب
- فاكس عاجل.. إلى صديق
مازلت تتنفس
وقلبك ينبض
وجسدك يتحرك
لكنك يا صديقي.. فارقت الحياة منذ زمن
- وبعد أن أدركنا المساء..
عفواً صديقي..
ربما أكون قد أدخلتك في دائرة الموت
فاكسر سياج الدائرة..
واطرق باب الحياة بإلحاح
واقفز فوق الباب إن لم يُفتح لك
فالحياة تستحق..
مـــــارو