كئيبًا و منفتحًا كالبحر، أقف لأحدِّثكم عن البحر
مستاءً و حزينًا من الدنيا، أقف لأحدِّثكم عن الدنيا
متماسكًا و صلبًا و مستمرًّا كالنهر،
أقف لأحدِّثكم عن النهر
و عندما يصبح للنافذة عينان تريان يأسي
و للجدران أصابع تتحسَّس أضلاعي
و للأبواب ألسنة تتكلَّم عنِّي
و عندما يصبح للماء طعم الماء
و للهواء نكهة الهواء
و للحبر الأسود هذا رائحة الحبر
و عندما تهيّء المطابع الأناشيد للقرَّاء بدلاً من الحبوب المنوِّمة
و تهيّء الحقول القمح بدلاً من الأفيون
و تهيّء المصانع القمصان بدلاً من القنابل...
سأقف، أيضًا، سأقف لأحدِّثكم عنِّي
لأحدِّثكم عن الحبّ الذي يغتال المراثي
عن المراثي التي كانت تفتح دفترها الملكي
لتسجِّل أسماءكم في قائمة القتلى
عن القتلى المتشبِّثين بالضمَّاد و الميكرو كروم
الذي لم يأتِ
و سأقف، أيضًا، سأقف
لأحدِّثكم عنِّي
مثلما يتحدَّث الديكتاتور عن سجونه
و المليونير عن ملايينه
و العاشق عن نهدي حبيبته
و الطفل عن أمِّه
و اللصّ عن مفاتيحه
و العالم عن حكَّامه
سأحدِّثكم بحبّ، بحبّ، بحبّ
بعد أن أشعل سيجارة!.