بسم الله الرحمن الرحيم
الغردقة وحدها شهدت 350 حالة زواج من أجنبيات
حادثة تناقلتها وسائل الإعلام وقعت في الغردقة ولكنها كشفت الكثير من الأمور، مواطن صعيدي يرث 10 ملايين دولار عن زوجته الأوربية التي تزوجها وعاش معها قصة حب كتبت الأقدار نهايتها بمصرع الأوربية العجوز في حادث سيارة نجا فيه الزوج لتؤول إليه ثروتها ويتغير مجرى حياته من الفقر إلى الغنى.
وباستقصاء الأمر تبين أن هناك آلافا من الشباب المصريين خاصة في مدينتي الأقصر وأسوان في جنوب الصعيد والغردقة بالبحر الأحمر يعيشون حلم الزواج من أجنبيات والظفر بأموالهن وبالتالي تحقيق الانتقالة السحرية عبر هذه "الغزوة العاطفية" من نار الجنوب إلى بستان الشمال ولا يهم بعد ذلك مستقبل هذا الزواج ولا ما يترتب عليه من نشأة أجيال مائعة الهوية متذبذبة الثقافة متعددة الانتماء، والأخطر من ذلك انتشار العنوسة بين فتيات الصعيد.
وحسب عقود الزواج التي تم إثباتها في دعاوى أمام محكمة الغردقة الجزئية منذ يناير الماضي وحتى الآن فقد بلغ عدد حالات زواج المصريين من أجنبيات 350 حالة ولا سبيل لإثبات العلاقة الزوجية إلا بهذه الدعوى بخلاف ما لم يتم توثيقه في جهات أخرى كسفارة الزوجة أو سلطات بلادها.
زيجات الشباب المصريين من عجائز أوربيات تزايدت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة وأصبح هناك من الشباب من ينتقل خصيصا من محافظته إلى الغردقة أو الأقصر أو شرم الشيخ بهدف الفوز بهذا الزواج، وأكثر نسبة للزواج من أجنبيات كانت بالروسيات في الغردقة والألمانيات والإيطاليات في شرم الشيخ ولا يمثل الأمريكيون سوى نسبة محدودة للغاية.. وتعد مدينة الأقصر التاريخية أكبر معقل لهذه الظاهرة إذ لا يخلو شارع في المدينة من عجوز أجنبية بصحبة شاب في العقد الثاني أو الثالث من العمر، وجاء هؤلاء العجائز من دول شتى في العالم تحت تأثير ما كتبه بعض علماء المصريات الأوربيين عن الأسرة والزواج في مصر القديمة.
والطريف أن الكثير من الأسر في صعيد مصر أصبحت تبارك زواج أبنائها من الأجنبيات وصار ذلك بديلا مربحا ومضمونا وسهلا عن سفرهم لدول الخليج للعمل والعودة برأس مال مناسب يبدأون به مشاريع خاصة فالزوجة الأجنبية العجوز في الغالب تكون ميسورة ماديا ولديها دخل مرتفع في بلادها يأتيها إلى بلد زوجها المصري الشاب بانتظام حيث تقوم بتأسيس بيت يعيشان فيه وأحيانا ما تصل الأمور إلى أن تؤسس له فندقا صغيرا يضم عشرات الغرف يستقبل فيه السياح كما حدث في قرية القرنة غربي الأقصر.
وهناك من اعتبر قبول الأسر الصعيدية زواج أبنائها من عجائز أوربيات هو تحول جذري في عادات وتقاليد أهل هذه المناطق الذين كان ينفرون فيما سبق من التزاوج من أناس من خارج العائلة وكانت ابنة العم في معظم الأحوال هي المفضلة في الاختيار للزواج، ورغم هذا فليست كل زيجات الشباب المصري من أجنبيات في المدن السياحية بالصعيد شرا فهناك زيجات متكافئة أي هناك تكافؤ بين الطرفين في السن والثقافة وحدث زواجهما بعد قصة حب جمعت بين الطرفين وهذه الزيجات مستقرة إلى حد ما.
دكتورة "أمل رضوان" أستاذة الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس ترجع أسباب زواج الشباب من أجنبيات في مدن الصعيد إلى عوامل متعددة يأتي في مقدمتها الظروف الاقتصادية وانتشار البطالة بين هؤلاء الشباب الذين يجدون في الزواج صفقة رابحة تحقق لهم العديد من الأحلام التي تراودهم كأن يحصل على جنسيتها الأوربية ويذهب ليعيش في بلدها ويتاح له العمل هناك أو يجني بعض الأموال منها، فيقيم مشروعا يدر له دخلا ويبني مسكنا راقيا، وهكذا صار الزواج من أجنبية هو نوع من أنواع السعي للرزق!
أما دكتور "حسام عيسى" أستاذ القانون الدولي فأكد أن المشكلات المترتبة على الزواج المختلط أو ما يسمى بالزواج من أجنبيات في صعيد مصر كثيرة ومتنوعة منها الاجتماعية ومنها الاقتصادية والقانونية فالعلاقة الزوجية بين مصري وفرنسية أو مصري وأمريكية أو مصري وإنجليزية، هي علاقة بين هويتين مختلفتين تثير مشاكل قانونية عدة كثيرا ما تؤدي إلى الاصطدام والنزاع نتيجة اختلاف تربية ودين وتقاليد وعادات كل من الزوجين، مشيرا إلى أن بعضا من مدن الصعيد شهدت العديد من الصراعات والنزاعات القضائية وغير القضائية بين أزواج مصريين وزوجات أجنبيات ومن ذلك قيام أحد هؤلاء الأزواج بخطف عدد من السياح الألمان واحتجازهم بمدينة الأقصر قبل أكثر من عامين بهدف الضغط على الخارجية الألمانية لإعادة أبنائه له بعد أن اختطفتهم زوجته الألمانية وهذا دليل على تفاقم تلك المشكلات الناتجة عن الزواج المختلط بين مصريين وأجنبيات.