بسم الله الرحمن الرحيم
* كرب ما بعد المآسى:
- هناك شئ أكبر من الضغوط التي يتعرض لها الانسان في حياته اليومية وتسبب له التوتر وبعض الاضطرابات الأخرى التى يكون لها تأثير نفسي سلبي
علي الإنسان وهذا ما يطلق عليه المتخصصون في مجال الطب النفسي باسم "كرب ما بعد المآسي Post-traumatic Stress" وقد تردد هذا المصطلح كثيراًً بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية وما حدث في عواقبها من هلع وتزعزع الثقة في أمان الإنسان وسلامته.
وهذا الكرب لا يقتصر فقط علي أحداث الولايات المتحدة الأمريكية وإنما يمتد إلي كل كرب أو مأساة كبيرة وعامة يتعرض لها الإنسان أي أن المأساة هنا تختلف فهي ليست ذاتية أو شخصية وإنما هو حدث يشترك في عواقبه فئة كبيرة من الناس في وقت واحد متزامن، وبعد وقوع هذه المأساة يعاني الإنسان من عدم شعوره بالأمان لاعتقاده الراسخ بأنه من الممكن أن يتكرر هذا الحدث في أي وقت مما يترتب عنه مشاكل نفسية مؤقتة لابد من التعامل معها من منطلق طبي بحت.
- ما هي المآسي التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان؟
هو أي شئ يحدث للإنسان وله القدرة علي تهديد صحة وأمان بل و اقتصاد مجموعة من المواطنين.
- وتنقسم المآسي أو الكوارث إلي نوعين هي:
1- كوارث طبيعية:
وهي التي تنتج عن عمليات طبيعية لا دخل للإنسان فيها الزلازل والسيول والانزلاقات الأرضية وغيرها.
2- كوارث تكنولوجية:
وهي تلك التي ترتبط وتتصل بشكل مباشر بما يصنعه الإنسان وما يحرزه من تقدم في مجال التكنولوجيا مثل تلك الناجمة عن انهيار محطة نووية لتوليد القوي الكهربائية، أو اشتعال الحرائق.
هل بوسعنا التحكم في مثل هذه الكوارث لتخفيف المخاطر الناشئة عنها؟ لا يمكن الإنسان أن يقوم بمنعها لكن علي الأقل الحد منها وتخفيف حساسية المكان للحدث الكامن أو لتوزيع الخسائر التي من الممكن أن يسببها الحدث وهذا يقودنا إلي التعامل مع أي كارثة من منطلقين:
- المنطلق الأول:
التنبؤ بمدي التعرض للكارثة في المستقبل والمخاطر الناشئة عن هذا الحدث الكامن بتقديم الحقائق العلمية وهذا هو دور العلماء.
- المنطلق الثاني:
الاعتماد علي المنطلق الأول للتحذير من هذه الكوارث المستقبلية وهذا من اختصاص المهندسين والمخططين.
* أمثلة كرب الإنسان:
كما سبق وأن أشرنا إلي أن هناك أنواع عديدة من الكوارث التي تسبب للإنسان بما يسمي بـ "كرب ما بعد المآسي":
1- الزلازل.
2- الفيضانات.
3- السيول.
4- الحرائق.
5- تحطم الطائرات.
6- البراكين.
7- الانفجارات بكافة بأنواعها.
ومن الظواهر التي تعرضت لها مصر هي الزلازل والسيول، لذلك دعونا نتعرف عن قرب عن هاتين الظاهرتين بتحليل علمي.
* أولاًً الزلازل:
هي عبارة عن هزات تصيب الأرض في هيئة موجات ناشئة عن طريق انطلاق طاقة كبيرة من باطن الأرض مصاحبة لكسر بعض الكتل الصخرية وقد ينجم عن هذه الهزات صدوع وفوالق سطحية أو تحت سطحية. ويشتد تأثير الزلزال عند مركزه ويقل التأثير كلما بعدت المسافة عن هذا المركز. وشدة الزلزال مقسمة إلي 12 درجة تبدأ من شدة بالغة الضعف وضعيفة جداًً إلي التدمير الكبير جداً. وتقاس قوة الزلازل بمقياس ريختر وهو مقياس مكون من تسع درجات يعبر عن مقدار الطاقة المصاحبة للزلزال، وكل درجة تمثل زيادة قدرها عشرة أمثال سعة الموجات الزلزالية وحوالي 30 مرة زيادة في الطاقة عن الدرجة الأقل منها.
- الهزات السابقة:
هي هزات ضعيفة تسبق الهزة الأساسية، وتنشأ نتيجة وجود مناطق ضعف في القشرة الأرضية تطلق الطاقة بصورة أسرع.
- الهزات اللاحقة:
هي هزات تالية للهزة الأساسية حيث يتم التحرر من الطاقة المختزنة بها.
- جهاز رصد الزلازل:
الجهاز المستخدم في رصد الزلازل يسمي "سيزموجراف" والتسجيل التخطيطي الذي نحصل عليه يسمي "سيزموجرام".
- سيولة التربة:
تعني فقد التربة غير المتماسكة لمقاومتها أثناء حدوث الزلزال، مما ينشأ عنه تحركات كبيرة لكتل التربة أو هبوط المباني وميلها.
- هبوط الأرض:
إحدى المؤشرات التي تنبؤ بحدوث الزلزال، وكما يتضمن المصطلح من معني في انخفاض بعض الأماكن في التربة.
- الانزلقات والانهيارات الأرضية:
تحدث حينما تتقاطع الفوالق والفواصل مع المياه الجوفية حيث تتدفق المياه عبر هذه الفواصل، وإذا امتزجت بطبقات طينية مائلة فإن هذا يؤدي إلي آثار تدميرية تتحدد قوتها حسب سرعة هذه الانزلقات.
- الحرائق:
تنجم عن بعض الزلازل نتيجة لقطع خطوط شبكة المياه وكذلك خطوط الغاز والكهرباء والتي إما أن تؤدي إلي خسائر فادحة أو بسيطة.
- التنبؤ بالزلازل:
أجريت العديد من الأبحاث من أجل التنبؤ بالزلازل، وإن كان قد تم النجاح في بعض منها فما زال هناك الكثير من أجل التوصل إلي معرفة أكثر وأكثر. وهناك نوعان من التنبؤ بالزلازل إما علي المدى الطويل أو القصير.
- التنبؤ بالزلازل علي المدى الطويل:
وذلك من خلال دراسة التاريخ الزلزالي للمنطقة سواء الزمني أو الجيولوجي لمعرفة الفترة الزمنية اللازمة للتخزين التدريجي للطاقة علي أسطح الفوالق لتسبب زلزالاً.
- التنبؤ بالزلازل علي المدى القصير بهذه الطرق الآتية:
1- الرصد المستمر لمنسوب المياه الجوفية.
2- متابعة تغيرات المجال المغناطيسي والكهربائي للأرض.
3- رصد زحف الأرض وميولها.
4- رصد التغير في ارتفاع الأرض أو انخفاضها.
5- متابعة الهزات أو الزلازل التي تسبق الزلزال الأساسي.
- التحكم في الزلازل:
ولا يقصد هنا منعها لاستحالة ذلك وهنا يتدخل الإنسان للحد من هذه الكارثة وإزالة الآثار المدمرة التي تعقبها . ومن هذه الطرق التي يستخدمها المتخصصون والعلماء هو حقن الماء تحت ضغوط عالية علي امتداد مستوي الصدع. وبالرغم من أن الماء يسهل عملية الانزلاق لكن الضغوط الشديدة الناشئة عنه علي مستوي الصدع تعاكس الضغوط المسببة للزلزال وهذا يؤدي إلي خفض النشاط الزلزالي. كما أن التفجيرات المستمرة والبطيئة علي الفوالق النشطة تؤدي إلي انطلاق الإجهادات المرنة قبل أن تتجمع وتنطلق في شكل زلزال قوي، وبما أن معظم الفوالق تختفي تحت سطح الأرض فإن ذلك يجعل التحكم في الزلزال عملية ليست سهلة.
- كيف تخفف من آثار الزلازل المدمرة:
1- استخدام نظم البناء المقاوم للزلازل.
2- أن تكون أساسات الأبنية قوية وسميكة.
3- أن تكون الأبنية خفيفة وذات أسقف وجدران جيدة التماسك.
4- الاعتناء بقوة البناء في الطوابق الدنيا لأنها أكثر عرضة للتخريب.
5- استغلال الموانع المائية والتجاويف الصخرية التي تقلل من شدة الأمواج الاهتزازية التي تسبق وقوع الزلزال.
6- التعرف علي طبيعة التربة عند حودث الهزات الأرضية بها.
7- عدم البناء علي الأماكن الواقعة تحت جروف صخرية لأن الأمواج الاهتزازية تؤدي إلي سرعة انهيار هذه الجروف.
8- عدم البناء علي الأماكن التي توجد بها الفواصل والتشققات والمياه الجوفية.
9- فرض تأمين إجباري للمباني ضد مخاطر الزلازل.
* ثانياًً السيول:
تنشأ السيول نتيجة تجمع مياه الأمطار بكميات كبيرة واندفاعها بشدة خلال شبكات الأودية الصغيرة المنتشرة بالأماكن المرتفعة، حيث تصب هذه الأودية ميـاهها فـي الـوادي الـرئيسي الذي يصب مياهه المتجمعة خلال فتحته الرئيسية (مخر السيل) في الأماكن المنخفضة أو البحار أو البحيرات أو الأنهار.
- والآثار التدميرية للسيول تعتمد علي:
- كمية المياه المنصرفة من مصب الوادي.
- سرعة المياه المنصرفة.
- حجم ونوعية الجلاميد الصخرية المحمولة مع المياه.
ونجد أن مصر من بين الدول التي يهددها خطر السيول وخاصة في محافظة سوهاج وبصفة خاصة المناطق المنخفضة التي تقع جميعها في دائرة الخطر بالنسبة للسيول. وسيول الهضبة الشرقية لوادي النيل أكبر خطورة من سيول الهضبة الغربية. ولتحديد ما إذا كانت السيول تشكل خطراً تدميراًً أم لا يرجع إلي عوامل عديدة منها:
1- الظروف المناخية التي تؤثر في كمية الأمطار وشدتها.
2- خصائص التربة والتي قد تسمح بمرور المياه إلي الطبقات تحت السطحية.
3- الزراعات والحشائش التي تعوق حركة المياه.
4- الخصائص الطبيعية للأودية المكونة لحوض الصرف السطحي مثل الشكل والطول والعمق والاتساع والانحدار ومدي تعرج الأودية وارتفاع أحواض الصرف.
5- الخصائص الصخرية والجيولوجية لطبقات الأرض.
* هل يمكننا التحكم حتى ولو بالحد الأدنى في مخاطر السيول؟
بالطبع لكل شئ مخرجاً أو حلاًً حتى ولو كان بسيطاً، ومخارج هذه الكارثة تتمثل في:
1- الارتفاع بالمباني في المناطق المنخفضة حتى لا تتأثر بالفيضانات الناشئة عن السيول.
2- عمل ترع ومصارف للمياه حول الأرض الزراعية والمنشآت والمباني.
3- تحويل مجري الوادي إلي أقرب ترعة أو مصرف.
4- عمل سدود في مناطق الوديان والتي تتميز باندفاع شديد للمياه قبل التقاء الأودية الفرعية بالوادي الرئيسي.
هذا الأمر يقودنا إلي الدخول في وسائل علمية أكثر عمقاً تزيد من أمان الإنسان وتقلل من فرص تعرضه للقلق والفزع التي ينجم عن التعرض لكوارث لا دخل له فيها حتى وإن كان المتسبب في بعض منها، لكنه لا يرغب بالطبع في الخوض في تداعياتها.
* الاستشعار عن بعد وتطبيقاته البيئية
(Electromagnetic Spectrum):
يمكننا أن نطلق عليه أيضاًً اسماً آخر (الصور الجوية) يرجع تاريخ الاستشعار عن بعد أو الصور الجوية إلي عام 1858 ويتم استخدامه في الأغراض العسكرية والمدنية.
* تعريفه:
هو استخدام الطيف الكهرومغناطيسي من خلال مجموعة من الأجهزة لجمع معلومات عن غرض معين عن بعد ودون الاقتراب من هذا الغرض ويتم معالجة هذه المعلومات بأنماط عدة مثل الشرائط المغناطيسية أو علي هيئة صور ملونة أو غير ملونة يستفاد منها في مجالاتنا البيئية المتنوعة مثل: الزراعة والجغرافيا والجيولوجيا والهندسة والغابات والتلوث البيئي، كما أنه هام في تجنب المخاطر والكوارث البيئية.
- والإحساس بالطاقة الكهرومغناطيسية يتم بطريقتين:
1- أجهزة (حس) أو استشعار تصويري أو فوتوغرافي.
2- أجهزة (حس) أو استشعار إلكتروني.
والحس أو الاستشعار التصويري أو الفوتوغرافي هو عبارة عن تفاعلات كيميائية علي سطح فيلم حساس لتسجيل الاختلافات في الطاقة علي الصورة الناتجة. أما أجهزة الحس أو الاستشعار الإلكترونية فهي تولد نبضات كهربية تتوافق مع الاختلاف في الطاقة المنعكسة وهذه النبضات يتم تسجيلها علي شرائط ممغنطة ويمكن تحويل هذه النبضات إلي صور علي شاشة التليفزيون وممكن تصويرها بأفلام معينة، وفي حالة الاستشعار الحراري علي أفلام هذه الأفلام تسمي (Thermal Image) وليس (Thermal Photograph) لأن الفيلم ليس هو وسيلة الإحساس بالطاقة الحرارية. وبالنسبة لاستشعارات الآلات الأتوماتيكية لصور الأقمار الصناعية الملونة لا تعكس الألوان الحقيقية التي تم تصويرها، لذلك فهي صور تسمي بصور الألوان الكاذبة.
- والطيف الكهرومغناطيسي مقسم إلي عدة أجزاء أو نطاقات لكل منها مدي معين من الطول الموجي، والجزء المرئي من الطاقة الكهرومغناطيسية صغير ويترواح طولها بين 0.4 - 0.7 مكروميتر ومقسم إلي ثلاثة ألوان ذات طول موجي مختلف:
أ- اللون الأزرق من 0.4 - 0.5 مكروميتر.
ب- اللون الأخضر من 0.5 - 0.6 مكروميتر.
ج- اللون الأحمر من 0.6 - 0.7 مكروميتر.
ويقع عند بداية اللون الأزرق (الجزء المرئي) الأشعة فوق البنفسجية وعند نهاية اللون الأحمر من الجزء المرئي أيضاًً تقع الموجات تحت الحمراء وتنقسم إلي:
1- موجات قريبة من الأشعة تحت الحمراء.
2- موجات تحت حمراء متوسطة.
3- موجات تحت حمراء حرارية.
عندما تسقط الأشعة الكهرومغناطيسية علي الأرض فإن جزء منها يمتص وجزء آخر ينفذ وجزء آخر ينعكس والنسبة بين هذه الموجات الثلاثة تختلف باختلاف طبيعة الأرض. ويعتمد الاستشعار عن بعد علي النطاق الموجي الذي يكون الانعكاس فيه هو السائد بشرط أن يكون هذا الإنعكاس للطاقة مصحوباًً بانتشارها، لأن الانعكاسات المنتشرة تحتوى علي معلومات عن لون السطح العاكس أما تلك غير المصحوبة بانتشار فإنها لا تحتوي مثل مثل هذه المعلومات، وهذا يقودنا إلي حقيقة واحدة أن الاستشعار عن بعد يعتني بقياس خواص الانعكاسات المنتشرة للظواهر الأرضية.
وقد لوحظ أن الأجسام ذات الحرارة الأعلى تصدر إشعاع حراري كهر ومغناطيسي مستمر ذو مدي واسع من الأطوال الموجية.