بسم الله الرحمن الرحيم
* كرب ما بعد المآسي:
- بعد أحداث 11 سبتمبر في مدينتي نيويورك وواشنطن أصبح سكان هذه المدن يعانون مما يطلق عليه في الطب النفسي بمرض كرب ما بعد المآسي.
وهو ليس بالمرض الحديث العهد بل هو قديم منذ أيام الحروب ويعاني منه نسبه عالية من الجنود بعد العودة إلي الوطن ، وذلك لما يتعرضون له من ضغط نفسي شديد في ميدان القتال وشعور بالخوف وتهديد بالموت وفقدان الزملاء في أرض المعركة.
وهذا المرض رغم أنه عرف منذ أيام الحروب عند المحاربين القدامى إلا أنه وجد في الأشخاص العاديين الذين يتعرضون إلي مآسي كبيرة مثل زلزال - انهيارات أرضية - حوادث حريق ضخمة أو سقوط طائرة - حالات الاغتصاب الجنسي - السرقة بالإكراه ومما هو ملاحظ أنها مواقف تتميز بالآتي:
أولاً: الشعور بالخوف الشديد.
ثانياً: تهديد لحياة الإنسان أو للمقربين له.
ثالثاً: الشعور بعدم القدرة علي فعل شئ لتغيير الحدث.
وفي العادة يصاب هؤلاء الأشخاص بنوبة قلق شديدة مصحوبة بتجنب المواقف التي تذكره بهذا الحدث مع استمرارية تصور الحدث في خيال الشخص.
إن كرب ما بعد المآسي منتشر بنسبه 8 % في الأوساط العادية التي تتعرض للمآسي وإن كانت النسبة الحالية في مدينة نيويورك هي 30 % لما تعرض له شعب هذه المدينة من كارثة - شعر بها سكان المدينة حيث شهدت أكبر ناطحتين سحاب انهيار كلي بما فيها من أشخاص وزملاء بالعمل. إن التعرض لهذه المواقف التي يوجد بها تهديد لحياة الإنسان أو حياة المقربين له، لها أثر كبير علي الشعور بحالة قلق دائم بعد انتهاء الحدث - وحدوث أعراض كالتالية:
- استمرارية استرجاع الحدث وكأنه شريط سينمائي يحدث أمام الشخص. و يؤدى هذا الاسترجاع اللإرادى إلى زيادة الشعور بعدم الأمان والخوف والخطر الداهم الذي سبق وأن تعرض له الشخص.
- الشعور بأعراض قلق مستمرة - عدم القدرة علي التركيز - عدم القدرة علي اتخاذ القرارات - جفاف بالحلق - حالة غثيان - رعشه بالأطراف - زيادة نسبة العرق - زيادة ضربات القلب وكذلك سهولة الاستثارة لأية مواقف عادية بالحياة.
- يقوم المريض دائماً بتجنب المواقف التي تذكره بالحدث ومتعلقاته ويشعر المريض بحالة خذلان بالشعور وعدم القدرة علي الإحساس بصورة طبيعية للمتغيرات التي تحدث حوله في حياته اليومية.
كثيرا من المرضي يحاولون اللجوء إلي المهدئات حتى يتمكنوا من متابعة حياتهم بصورة طبيعية - فالبعض يلجأ إلي العقاقير المهدئة والآخر يلجأ إلي الكحوليات .
وهنا تتفاقم المشكلة من مجرد مرض كرب ما بعد المآسي إلي حالة إدمان مهدئات أو كحوليات.
أهم عناصر تجنب حدوث هذا المرض هو التعامل مع الحدث والمريض فور وقوع الحدث - وهو ما يطلق عليه عملية "التنفيس النفسي" ويوجد هناك فرق متخصصة للتعامل مع هذه الحالات تتواجد حيث تقع الكارثة، مهمتها الأولي هي إعادة الطمأنينة ومساعدة المريض للتعبير عن شعوره وعدم تحمل الذنب أو النتيجة لما حدث.
ثم تبدأ بعد ذلك عملية العلاج النفسى عن طريق جلسات علاج نفسية لمساعدة المريض على التفكير بالحدث بطريقة مختلفة مع تقبل النتيجة والتعايش معها. فى بعض الأحيان يلجأ الأطباء إلى استخدام بعض العقاقير التى تساعد على الاقلال من حالة القلق والشعور الدائم بالخطر.